الدكتور منير القادري بودشيش: “أبو العباس السبتي زمانه” يواجه مؤامرة تفريغ الزوايا من رمزيتها التاريخية

محمد أبوخصيب
علم وعرفان في خدمة المصالح العليا للوطن تحت ظل إمارة المؤمنين
في خضم التحديات التي تواجهها الزوايا الصوفية في المغرب المعاصر، يبرز الدكتور منير القادري بودشيش كأحد أبرز رموز التجديد العرفاني العلمي، محاولا خلق ثورة نوعية داخل الزاوية القادرية البودشيشية تقوم على الأخلاق والتربية والعرفان الحقيقي، في خدمة المصالح العليا للوطن تحت ظل إمارة المؤمنين والرؤية الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.
وتكشف المقاربة المعرفية بين شخصية الدكتور منير القادري بودشيش وأبو العباس السبتي عن تشابه مذهل في النهج العرفاني والإصلاحي. فكما كان أبو العباس السبتي (524-601هـ) رائداً في مذهبه التضامني العملي، ومؤسسا لنظرية عرفانية تقوم على التوحيد والعمل الاجتماعي، فإن الدكتور منير يسير على نفس النهج في عصرنا الحالي.
أبو العباس السبتي، كما يخبرنا كتاب “التشوف إلى رجال التصوف” لابن الزيات التادلي، لم يعرف له شيخ في الطريق، لكن سلوكه ومنظومته الفكرية جعلته في عداد كبار رجال التصوف. وهذا ما نجده اليوم في شخصية الدكتور منير، الذي يمزج بين العلم الأكاديمي والعرفان الروحي، محققا تلك النقلة النوعية التي حققها السبتي في زمانه.
يتميز نهج الدكتور منير القادري بودشيش بكونه يمثل التوجه العرفاني العلمي الذي يجمع بين المعرفة الأكاديمية والحقيقة الروحية. هذا التوجه يهدف إلى:
أولاً: إحياء البُعد الرمزي التاريخي للزوايا من خلال العودة إلى الجذور الأصيلة للتصوف المغربي، والابتعاد عن التصوف التبريكي المبني على الطقوسية الجوفاء.
ثانيا: التربية والأخلاق كأساس للبناء الروحي، مما يعكس فهماً عميقاً لدور الزوايا في تكوين الشخصية المغربية الأصيلة.
ثالثا: خدمة المصالح العليا للوطن من خلال تفعيل دور الزوايا في التنمية الاجتماعية والروحية، تماما كما فعل أبو العباس السبتي الذي بدأ مذهبه التضامني العملي بالإنفاق على طلبة العلم الواردين الواردين على مراكش.
يواجه الدكتور منير القادري بودشيش اليوم حربا شرسة من الجهات التي تسعى إلى إفراغ الزوايا من محتواها الروحي الحقيقي. هذه المحاولات تهدف إلى:
- إسقاط الوصية الشرعية والسر الروحي الذي يربط بين أجيال المشايخ
- كسر الرمزية التاريخية للزوايا في المملكة المغربية الشريفة
- تحويل الزوايا إلى مجرد طقوس فولكلورية خالية من المضمون العرفاني
يؤكد الدكتور منير القادري بودشيش في نهجه على العمل تحت ظل إمارة المؤمنين، متماشيا مع الرؤية الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله. هذا الالتزام يعكس فهما عميقاً للدور التاريخي للزوايا في دعم النظام الملكي الشريف والمحافظة على الثوابت الروحية للأمة المغربية.
ويواجه هذا النهج التجديدي مقاومة شديدة من أنصار “التصوف التبريكي” الذين يفضلون الإبقاء على الطقوسية الجوفاء بدلا من الانخراط في العمل العرفاني الجاد. هؤلاء يحاربون الدكتور منير لأن مشروعه الإصلاحي يهدد مصالحهم في استغلال البساطة الروحية للمريدين.
إن الدكتور منير القادري بودشيش يمثل اليوم ما مثله أبو العباس السبتي في زمانه: رمزا للتجديد العرفاني الذي يجمع بين العلم والعمل، بين الحقيقة والطريقة، بين الأصالة والمعاصرة. وكما واجه السبتي في زمانه معارضة من المتشبثين بالأشكال دون المضامين، فإن الدكتور منير يواجه اليوم نفس التحدي في مسعاه لإحياء الدور الحقيقي للزوايا في خدمة الوطن والمواطن.
إن المحاولات الرامية إلى إسقاط وصيته الشرعية وإفراغ الزاوية من بعدها الرمزي التاريخي إنما تستهدف كسر حلقة من أهم حلقات التراث الروحي المغربي، وهو ما يستوجب الدفاع عن هذا الرمز العرفاني المتجدد الذي يسعى لخدمة المصالح العليا للمملكة المغربية الشريفة تحت القيادة الحكيمة لأمير المؤمنين.