وطنية

الدكتور منير يقود نهضة صوفية تكنولوجية تحت الرعاية الملكية

محمد أبوخصيب

في عصر تتسارع فيه وتيرة التطور التكنولوجي وتتوسع فيه مساحة الذكاء الاصطناعي وقوة تأثيره، يبرز الدكتور منير القادري بودشيش كرائد للتجديد الصوفي المعاصر، حاملا مشروعا طموحا لنقل التصوف المغربي إلى مكانة علمية وروحية جديدة تواكب تحديات العصر الرقمي. بمكتسباته العلمية الثرية ورؤيته المستقبلية، يسعى هذا العالم المتبحر إلى خلق ثورة معرفية حقيقية في عالم التصوف، تحت الرؤية الحكيمة لصاحب الجلالة أمير المؤمنين الملك محمد السادس نصره الله.

ويمتلك الدكتور منير القادري بودشيش تكوينا علميا متنوعا يؤهله لقيادة عملية تحديث التصوف وتقريبه من المعطيات التكنولوجية المعاصرة. فمنذ حصوله على إجازة في الدراسات الإسلامية من كلية الآداب بوجدة عام 1994، ثم إجازة في العلوم الاقتصادية سنة 1995، بدأ مساره الأكاديمي المتميز الذي جمع بين التراث الإسلامي والعلوم الحديثة. وبدبلومه في تسيير المقاولات من جامعة كرونبل بفرنسا (1999) ودبلوم الدراسات العليا المتخصصة في الأنثروبولوجيا السوسيولوجية، بنى أسساً صلبة لفهم عميق لآليات التطور الاجتماعي والتكنولوجي.

وتوج هذا المسار بحصوله على درجات دكتوراه متعددة، منها في علوم الأديان وأنظمة التفكير من جامعة السوربون، وأخرى في الدراسات الصوفية التي ركزت على كتاب “قوت القلوب” لأبي طالب المكي. هذا التخصص المزدوج في علوم الأديان والتراث الصوفي يمنحه فهما عميقا لإمكانيات التوفيق بين الحكمة التراثية والمعرفة المعاصرة، مما يفتح آفاقا واسعة لاستثمار التكنولوجيا الحديثة في خدمة التربية الروحية والتنمية الاجتماعية.

وتتوزع مسؤوليات الدكتور منير بين مؤسسات أكاديمية وهيئات دينية بطريقة تعكس قدرته على الربط بين العالمين التقليدي والحديث. فإدارته للمركز الأورو-متوسطي لدراسة الإسلام اليوم في فرنسا، وتدريسه في جامعة دوفين كأستاذ للمالية الإسلامية، وعضويته في المجلس الأوروبي للعلماء المغاربة، تضعه في موقع مثالي لاستشراف مستقبل التصوف في عصر التكنولوجيا المتقدمة. هذه المناصب تمنحه إطلاعا مباشرا على أحدث التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته المحتملة في التربية الروحية والحوار الحضاري.

ويمثل الملتقى العالمي للتصوف الذي يشرف على تنظيمه الدكتور منير، نموذجا متقدما لكيفية توظيف التكنولوجيا في خدمة التراث الصوفي. هذا الملتقى الذي يبحث في دور الطرق الصوفية ضمن السياق المعاصر، ويستضيف خبراء من مجالات مختلفة لبحث قضايا الهوية والسلم والعولمة، يشكل نافذة حقيقية لفتح التصوف على ما يواكب العصر. من خلال هذه المنصة، يستطيع الدكتور منير استكشاف إمكانيات استخدام الذكاء الاصطناعي في تطوير أساليب التربية الروحية، وتحسين طرق التواصل مع المريدين، وتوسيع نطاق الوصول للتعاليم الصوفية عبر الوسائل الرقمية المتطورة.

وتتسم مؤلفات الدكتور منير القادري بودشيش بطابع أكاديمي يعتمد على البحث والتحليل، مع ربط التصوف بقضايا التنمية الروحية والاجتماعية. كتبه مثل “التصوف والدبلوماسية الروحية” و”التصوف ومواجهة التطرف” و”الحضور الصوفي في زمن العولمة”، تعكس رؤية متقدمة لكيفية تفعيل دور التصوف في العصر الحديث. هذه المؤلفات تؤسس لإطار نظري يمكن من خلاله استيعاب التطورات التكنولوجية وتوظيفها في خدمة الأهداف الروحية والاجتماعية للتصوف، مما يفتح المجال أمام تطوير تطبيقات ذكية لتعليم التراث الصوفي وممارسة التأمل والذكر.

ووفق المراجعات الأكاديمية، يمثل الدكتور منير القادري بودشيش نموذجا لشخصية دينية تتحرك ضمن إطار تراث صوفي عريق، لكنها تنفتح على فضاءات البحث العلمي والمؤسسات الحديثة، في توازن مثالي بين الانتماء الروحي والعمل الأكاديمي. هذا التوازن يؤهله لقيادة عملية تحديث شاملة للتصوف المغربي، تستفيد من إمكانيات الذكاء الاصطناعي في تطوير أساليب جديدة للتربية الروحية، وإنشاء منصات رقمية تفاعلية للحوار الصوفي، وتوظيف البيانات الضخمة في فهم احتياجات المريدين وتطوير برامج تربوية مخصصة. كل ذلك في خدمة الإنسان والمملكة المغربية الشريفة، وتحت الرؤية الحكيمة لصاحب الجلالة أمير المؤمنين الملك محمد السادس نصره الله، مما يضع التصوف المغربي في المقدمة العالمية لحركة التجديد الروحي التكنولوجي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى