مصادر.. عملية التجنيد السري في مداغ

شهدت قرية مداغ بالجهة الشرقية للمغرب حدثاً استثنائياً كشف عن استراتيجيات جديدة في التأثير على الشأن الديني المحلي، حيث نظم المنذوب الجهوي ع. الإدريسي والمنذوب الإقليمي ع. أفيلال لقاء دعيا إليه نخبة من الفقهاء والأئمة تحت مسمى النشاط الرسمي لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية. اللقاء الذي بدا في ظاهره أكاديميا ودينيا، حمل في طياته وعودا بفرص عمل جديدة ومناصب مرتقبة في المنطقة، مما جذب حضورا كثيفا من رجال الدين المحليين.
وحسب مصادر متطابقة، انكشف الهدف الحقيقي من الاجتماع عندما توجهت الأنظار نحو حشد الدعم لمعاذ القادري بودشيش في صراعه على زعامة الطريقة القادرية البودشيشية، في خطوة تكشف عن تحالفات خفية تسعى لكسر الشرعية المؤسسة داخل هذه المؤسسة الصوفية العريقة. هذا التوجه واجه معارضة صريحة من داخل العائلة البودشيشية نفسها، فضلا عن رفض واسع من قبل مريدي الزاوية الذين يعتبرون هذه المحاولات افتقارا واضحا للشرعية الروحية المطلوبة في هذا السياق التقليدي.
وكشفت شهادات من داخل القاعة، حسب المصدر ذاته، عن استخدام أساليب الإغراء المباشر، حيث عرضت على المشاركين مبالغ مالية فورية إلى جانب ضمانات بمناصب مستقبلية في مقابل ضمان حضورهم وعدم مغادرة الاجتماع قبل انتهائه. هذه الممارسات أثارت استياءً كبيرا في صفوف العديد من الأئمة والفقهاء الذين اعتبروا الأمر انتهاكا صارخا لكرامتهم المهنية واستغلالا مشينا لمكانتهم الدينية في خدمة أجندات شخصية بعيدة عن رسالة التصوف الأصيلة.
وتطرح هذه الواقعة تساؤلات جوهرية حول الحدود الفاصلة بين دور وزارة الأوقاف في التأطير الديني وبين التدخل المباشر في الشؤون الداخلية للمؤسسات الصوفية التقليدية. بينما يرى محللون أن هذه الخطوات تندرج ضمن سعي الوزارة لفرض رؤية مركزية على الحقل الديني المغربي، يحذر مراقبون آخرون من خطورة زج رجال الدين في صراعات الزوايا، معتبرين أن ذلك يهدد الثقة المجتمعية التي يحظى بها هؤلاء الفقهاء ويمس بالوظيفة التربوية التاريخية للمؤسسات الصوفية في المغرب.